أمٌ عطشى تخشى على رضيعها من جفاف وادٍ غير ذي زرع، فور أن رأت ينبوعاً من الماء يخرج من تحت قدميْ صغيرها حتى أصبحت تبني سداً رملياً حوله وهي تقول “زم زم” تقصد زمّه وإحاطته كيلا يُهدر، فأصبح هذا الماء مصدر رزقها المبارك ورزقاً للأمة الموحدة بالله بعد ذلك.
قصة ماء زمزم المبارك
تعود قصة بئر ماء زمزم إلى سيدتنا هاجر عليها السلام وابنها الرضيع إسماعيل، عندما تركهما النبي إبراهيم في وادي مقفر ومجهول بأمر من الله، فأصبحت تلاحقه وتنادي عليه من ورائه: “يا إبراهيم إلى من تتركنا؟” فقالت له ذلك مراراً وهو لا يلتفت إليها حتى رد: “إلى الله”. فقالت له: “الله الذي أمرك بهذا؟” قال: “نعم”، قالت: “إذن لن يضيعنا” وعادت إلى حيث تركها إيماناً واستسلاماً.
ومع مرور الوقت بدأ زادها في الانتهاء، وأصبح رضيعها جائعاً هائجاً لايجد في صدر أمه ما يرويه حتى كرهت النظر إليه وهو يصرخ من الجوع والعطش، فتركته مجبرةً تبحث عن طعامٍ أو مساعدة.. فركضت بين جبل الصفا وجبل المروة سبعة أشواط فإذا بجبريل عليه السلام يفجر نبع الماء من تحت الطفل الصغير، فقامت أمه وغرفت منه وسقت طفلها وارتوت، وأصبح الوادي ملاذاً بعد أن كان قفاراً، وأصبح أطهر بقعة على وجه الأرض تعرفونه اليوم باسم (مكة المكرمة).
معلومات عن بئر زمزم
هي بئر مباركة تبعد 21 متراً من الكعبة وتقع بينها وبين مقام إبراهيم، عمقها 30 متر تحت سطح الأرض ولها منبعين (منبع من الصفا والمروة، ومنبع من الكعبة). تعتبر هذه البئر من أقدم الآبار حيث تبلغ أعمار الآبار عادةً إلى 70 سنة في حين يبلغ عمر بئر زمزم أكثر من 5000 سنة. متوسط ضخ الماء لمنبع البئر يصل في الحد الأقصى 18.5 لتر في الثانية، بينما الحد الأدنى 11 لتراً في الثانية. يتم تعبئة ماء زمزم يومياً في 25,000 حافظة مياه مبردة وغير مبردة، وتؤخذ منها يومياً 100 عينة عشوائية للفحص المختبري للتأكد من سلامتها، وتوزع في أنحاء الحرم المكي وكذلك في المسجد النبوي لتروي ضيوف الرحمن، بالإضافة إلى تخصيص عمال يحملون حافظات مياه زمزم على ظهورهم ليرووا ظمأ من يقابلهم؛ ممايجعل سقيا زمزم من أكبر المشاريع لسقيا الماء في العالم.
مجمع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم
كانت عمليات تعبئة وتوزيع ماء زمزم سابقاً عشوائية وتوزع في عبوات مختلفة وبشكل يدوي؛ مما يجعلها عرضة للتلوث أو الغش أو الاستغلال. أما اليوم فيربط بين بئر زمزم ومجمع الملك عبدالله لسقيا زمزم أنابيب طولها 4 كيلومتر ليذهب الفائض من حاجة زوار بيت الله الحرام إلى مصنع المجمع مباشرة. حيث يتم تعبئة ماء زمزم في عبوات موحدة ذات سعة 5 لتر و10 لتر يتم تصنيعها بواسطة ماكينة تنتج قارورة في كل ثانية، حيث تمر كل قارورة بعملية لصق الملصقات وغسل القارورة وتعبئتها وتغطيتها بطريقة أوتوماتيكية ذات مستوى عالٍ من النظافة، ثم تكدس وتخزن في مستودع متخصص يسع إلى مليون و700 ألف قارورة ذات سعة 10 لتر. ويوفر المجمع نقاط لتوزيع قوارير ماء زمزم بنظام آلي على مدار 24 ساعة، حيث يمكن للجميع أن يحصلوا على عبوتين لكل فرد من أفراد أسرهم. ويمكن لضيوف فندق شذا مكة طلب المساعدة من مكتب الاستقبال ليتم إرشادهم عن كيفية الحصول على ماء زمزم في رحلتهم الروحانية.
السفر بماء زمزم
على الرغم من وفرة وسهولة الحصول على مياه زمزم من مجمع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم إلا أننا ننصح زوارنا المغادرين من فندق شذا مكة على عدم أخذ قوارير مياه زمزم العادية للسفر إلى بلادهم كيلا يُجبروا على تركها في المطار من قِبَل بعض قوانين وسياسات الخطوط الجوية العالمية؛ لعدم خضوع القوارير العادية على معايير وشروط النقل الجوي. ولهذا وفر مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة مواقع مخصصة لتغليف العبوات في أكياس بلاستيكية مانعة للتسرب وعلب كرتونية توضع بداخلها وفق المواصفات العالمية المعتمدة. حيث يمكن لكافة المسافرين الحصول على عبوات مغلفة وجاهزة للشحن بسعة 10 لتر من المطار مباشرةً ليتمكنوا من إحضار هذا الماء المبارك معهم في مغارب الأرض ومشارقها.